أيام تشريق مختلفة هذا العام، لها مذاق فريد؛ فبعض بلداننا الإسلامية والعربية قد رأت بصيص نور في نهاية نفق ظل معتمًا لعقود، وشهد الناس بأم أعينهم عودة النور يشع في جنباتها مع انطلاقة خير وانفتاح معقول..
مضت أمتنا الإسلامية تكاد لا ترى إلا ليالي التغريب الحالكة.. في التعليم، والثقافة، والاقتصاد، والسياسة، وحتى الرياضة والفن والصحة.. بل في كل شئون حياتها، لا ترى إلا صدامًا شديدًا مع هويتها، مخاصمة لقرآنها وسُنَّة نبيها، عدوانًا على شعائرها وشرائعها.. مجافاة لقيمها وأخلاقها وسلوكها.. ظلمات بعضها فوق بعض..
نعم، ثمة مدافعة للباطل وصراع مكتوم ومكشوف يدور الآن، وكل طرف يحقق بعض النجاحات ويسجل بعض الإخفاقات، لكن في الجملة، دخل أهل الإصلاح إلى مضمار التغيير.. لم يعودوا خارج اللُّعبة، ولم تطردهم حلبتها.. إنهم الآن في قلب المشهد، صحيح أن دونهم جهدًا كبيرًا وعملًا شاقًّا وحكمة دافعة ورؤية واضحة، لكنهم في الجملة يحرزون تقدمًا، ويبنون غدًا، ويرسمون خطهم الواعد، ويضعون منائر الطريق.
دعونا لا نُفرِط في التفاؤل، نحن لسنا في رابعة النهار، لكن الفجر انبلج وبدأت تباشير الصباح.. نسمع شقشقة الطيور ولو لم نر النور كاسيًا كبد السماء.. يكفينا من النور قبسه، ومن الأفق إشراقته.. عنده تتلاقى السماء والأرض.. الصفاء والكدر..
عنوان المرحلة لدى كثير من قُوانا الآن هي الوحدة والتوافق، أمَّا هم فيؤسسون اليوم للفرقة.. خطوات ويلفظون اليونان من وحدتهم ثم إسبانيا... وهلم جرًّا.
تبدأ لياليهم في الأفول.. لم يزالوا مسيطرين حقًّا، لكن أيديهم على رقابنا تخور، ومكرهم يبور، وسوءهم عليهم يدور.. وقد لا نرى سقوطهم في حياتنا، لكننا اليوم نشهد بدايته، ونعاين تململ شعوبهم من سحر رأسماليتهم الذي قد بَطُل اليوم.
ومن يتابع آخر اجتماع لدول العشرين يلحظ بجلاء أننا نحضر إرهاصات لحظة تاريخية قادمة، ويدرك أن التغريب في عالمنا الإسلامي آيل إلى سقوط، ومن يغادر من شمال المتوسط إلى جنوبه يعي ملامح التحول القادم في محيطنا الإسلامي الشاسع، ويرى بعينيه أيام التشريق قادمة.
وإذا غادرنا من المجاز إلى الحقيقة؛ فإن أيام التشريق هي أيام أكل وشرب وذكر، يشكر المسلمون فيها ربهم على توفيقه إياهم لعبادته سبحانه وتعالى.. ينحرون هديهم وأضاحيهم ويذكرون الله ويشكرونه على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، وعلى إتمام عبادتهم، أكانوا حاجين أم غير حاجين، وهي أيام يستحب فيها ذكر الله سبحانه وتعالى والتكبير والتهليل.
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
الكاتب: صالح رمضان وشريف الديب
المصدر: موقع المسلم